ربما ليس اليوم أفضل أيام حياتك، استيقظت خامل القوى، تكابدُ هزائم داخلية ويأسًا وإحباطًا يتربعان عرش تفكيرك. ليس الأمر فقط أنك استيقظت عكِر المزاج مغتاظًا؛ فأنت تحاول بشتى الوسائل إبعاد أفكارك السوداوية بعيدًا؛ قليلًا فقط لترى خيطًا من خيوط التفاؤل يخترق جدار اليأس نحوك. تعتقد أن كل ما حولك عاجز الآن عن إحياء روح الحيوية والنشاط بداخلك! لكن الأمر ليس كذلك! فكر قليلًا في تأثير بعض الكلمات الرنانة عليك، في خطاب تحفيزي يحوي أفضل محاضرات تيد العالمية يبثّ فيك روح الأمل، ويغرس في أعماقك غراسًا صغيرة من التفاؤل تنمو لتكبر وتسيطر عليك.
إن كنت تعتقد بإيجابية تأثير هذه الخطابات، وحتى إن لم تؤمن بذلك، فعليك الوثوق بما تقدمه لك منصة تيد TED من محاضرات ملهمة ستمنحك عزاء في أوقاتك العصيبة، وتلهمك للسير في طريقك الصحيح. وإيمانًا منا بأهمية خوض هذه التجربة، وفرنا لك أفضل مجموعة محاضرات قدمتها منصة تيد العالمية القادرة على تغيير حياتك نحو الأفضل.
عبقريتك الإبداعية المراوغة Your Elusive Creative Genius
تُلقي هذه المحاضرة الكاتبة الأمريكية إليزابيث جيلبرت (Elizabeth Gilbert) التي استطاعت كسب شهرة واسعة عبر مبيع مذكراتها التي حققت أعلى نسبة مبيعات للعام 2006، وحملت اسم “Eat, Pray, Love“.
وتتحدث إليزابيث في محاضراتها هذه حول الربط بين قضايا الصحة العقلية وخوف الكاتب من حقيقة أن عمله القادم لن يحقق جودة أعماله السابقة؛ لتتضخم هذه الأفكار في عقول الكتاب، وتتسبب في انتحار الكثير منهم من الوقت كضحايا للاكتئاب. وهو ما دفع إليزابيث إلى تقديم محاضرتها هذه التي تتحدث فيها حول بنائها حواجز بين عملها وآلية استقبال هذا القلق.
وتتطرق إلى هذه الفكرة عبر الحديث عن بعض المعتقدات الرومانية والإغريقية التي اعتقدت بوجود روح خفية تسمى العبقري تساعد الفنان في أعماله؛ مما بنى حاجزًا بين الفنان وعمله، فلم يذق طعم النجاح، ولا الفشل. بينما ومع بدء عصر النهضة، تغيرت الأفكار، وتمحورت فكرة الروح العبقرية، فأدرك الناس أن الإلهام ينبع من ذات الفنان؛ الذي ونتيجة لذلك بدأ بتحمل نتائج نجاح أعماله أو فشلها. وربما هو ما أودى بحياة الفنانين منذ 500 عام وحتى الآن.
وكمثال على ذلك، تتحدث إليزابيث عن الموسيقي توم ويتس الذي كان يقود سيارته بينما خطرت في باله أغنية ما؛ كان من الصعب حينها أن يجد قلمًا ليسجل الأغنية، ولم يملك مسجلًا ليغني ذلك اللحن ويحافظ عليه. لذا بدأ بالتحدث إلى عبقريه الخفي بكلمات من مثل: “إن كنت حقًا موجودًا، فعد في وقت أكثر ملاءمة… وإلا اذهب لتزعج شخصًا آخر اليوم”.
وبدعوة العودة إلى الفترة الكلاسيكية تلك، تستخدم إليزابيث ذلك المنهج في حياتها؛ لمواصلة العمل بعيدًا عن الدوائر السوداوية المغلقة التي تحبس الفنان في عصرنا هذا وتسيطر عليه. لذا تستمر في سعيها نحو إنجاز الأفضل، فإن كان عبقريها الخفي يرغب في الأفضل، فليحضر إلى العمل للقيام بواجبه!
لغة الجسد Body Language
بالرغم من وجود العديد من الأبحاث التي تدور حول كيفية فهم لغة الجسد، وأهمية إرسال الرسالة الصحيحة عبر حركات جسدك؛ إلا أن إيمي كودي (Amy Cuddy) في محاضرتها هذه تتعمق في كيفية تأثرنا بلغة الجسد؛ وكيف يمكن لقوة استراتيجية كهذه أن تحدث عالمًا من الاختلاف في نظرتنا لأنفسنا. يذكر أن إيمي هي عالمة نفس اجتماعية شهيرة، وأستاذة في جامعة هارفرد، وخبيرة في لغة الجسد.
في محاضرتها حول لغة الجسد، تشير إلى طابع الهيمنة الذي تستقيه وتسيطر به. فانظر إلى الأشخاص المسيطرين في المجتمع؛ تراهم يقفون شامخين، أكتفاهم منتصبة مستقيمة في وضعها. أما عندما يشعر أحدنا بالعجز، تراه يفعل العكس تمامًا؛ ينكمش على نفسه، ويحني كتفيه، ويجعل من نفسه أصغر.
وانطلاقًا من أننا –نحن البشر- نكمل بعضنا البعض، فمن البديهي أن يميل أحدنا عند التفاعل غير اللفظي مع الآخر إلى فعل ما يخالف تصرفاته. لذلك، فإن كان الشخص المقابل قويًا وكبيرًا، سنميل بتلقائية لجعل أنفسنا أصغر.
وبحسب مجموعة من الدراسات التي تتحدث عنها إيمي، فإن مجموعة من الأشخاص الأقوياء كانوا أكثر ثقة وهدوءً في المواقف العصيبة، وارجعت ذلك لامتلاكهم كمية كبيرة من هرمون الهيمنة (هرمون التستوستيرون) وكمية أقل من هرمون الإجهاد (الكورتيزول). ومن خلال تجربتها وجدت أن لغة الجسد قادرت على تغيير مستويات الهرمونات هذه، عبر اعتماد وضعيات عالية الطاقة أو منخفضة الطاقة لمدة دقيقتين؛ لتؤثر على نسبة الهرمونات الموجودة في دماغك؛ فترسم مسار قوتك أو ضعفك بيديك. لذا ابدأ بتعويد جسدك على وضعيات الطاقة العالية، وتدرب على حياة الأقوياء لتكون كذلك.
الأوركسترا في فمي The Orchestra In My Mouth
يقدم هذه المحاضرة الملاكم توم ثوم (Tom Thum) الذي يشعرك بامتلاكه لمجموعة من الآلات الموسيقية في حلقه. فيستطيع عبره إصدار مجموعة من الأصوات التي تماثل الأصوات الصادرة عن فرقة جاز، أو مجموعة بوب، او مجموعة مختلفة من الآلات الغريبة. وسرعان ما أصبح هذا الفيديو الذي لا يتجاوز طوله 15 دقيقة أكثر محاضرات منصة تيد مشاهدة على الإطلاق بمجموع تجاوز 44 مليون مشاهدة. ليحظى توم باعتراف عالمي بموهبته الفريدة في التلاعب بحباله الصوتية؛ وقدرته الفطرية على صنع أصوات مختلفة غير بشرية.
علم السعادة المدهش The Surprising Science of Happiness
عندما يتحدث الناس عن السعادة، فعادة ما تمتزج حكاياتهم عن السعادة بسعيهم الدؤوب للوصول إلى حلم صعب المنال. فلا نجد أحدًا يخبرنا أنه سعيد بما حقق، أو بما منحته الحياة؛ كل يرغب بالمزيد، غير قانع بما امتلك، ولا مبالٍ بما أنجز.
لذا ينطلق عالم النفس دان جلبرت (Dan Gilbert) في محاضرته هذه حول الحديث عن السعادة، مقسمًا إياها إلى مكونين، أولهما هي السعادة التي نصادفها (السعادة الحقيقة)، والثاني يتمثل في السعادة التي نخلقها (السعادة الاصطناعية). رابطًا كلا النوعين بعلم النفس المناعي.
وعبر مجموعة من الأمثلة، يعبر جيلبرت عن أن طموحنا المحدود يقود للعمل بفرح، في حين يقود الطموح غير المحدود إلى الكذب والغش والسرقة وإيذاء الآخرين والتضحية بقيم عديدة.
قوة الضعف The Power of Vulnerability
في هذه المحاضرة الفريدة والتي حظيت بما يزيد عن 6 ملايين مشاهدة عبر منصة تيد، تتحدث برين براون (Brené Brown) الاتصال الإنساني، وقدراتنا نحن البشر على التعاطف والانتماء والحب. وتشارك بحثها القائم على اكتشافها لجوهر الضعف المتمثل في العار؛ وتوضح خلاله أن الحب والانتماء هما الشعوران الأكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذي يعتقدون أنهم جديرون بذلك؛ في حين تشيع مشاعر الرحمة والشجاعة بين أولئك الذين قنعوا بأنفسهم، فامتلكوا الشجاعة ليكونوا غير كاملين. أما أولئك الذين احتضنوا الضعف فهم من يعتقدون بأنهم غير جديرين بشي، يهابون التواصل من المحيط.
الاختيار والسعادة وصلصة السباغيتي Choice, Happiness & Spaghetti Sauce
في هذه المحاضرة يبحث الصحفي والمؤلف مالكولم جلادويل (Malcolm Gladwell) عما هو غير بديهي فيما نعتبره جميعًا دنيويًا. ويكشف عن طريقة جديدة لتجربة وتفسير حياتنا اليومية. ويتطرق إلى الحكمة التقليدية التي تقول إنه إذا كنت تريد أن تفهم ما يريده الناس، فإن أفضل شيء تفعله هو أن تسألهم. ليعرّج إلى فكرة أن المزايا المختلفة التي تقدمها لشركات عادة ما تعتمد على ما يريده موظفوها.
فلسفة من أجل حياة سعيدة Philosophy For A Happy Life
تعتبر هذه المحاضرة واحدة ن أكثر محاضرات تيد إلهامًا، والتي يقدمها سام بيرنز (Sam Berns) البالغ من العمر سبعة عشر عامًا. ويتحدث سام في محاضرته حول حالة وراثية تعرف باسم مرض الشيخوخة أو Progeria المصاب به. ليتطرق إلى تجرته الشخصية مع المرض وكفاحه ضده وتغلبه على مختلف القيود.
وبالرغم من اعتقادي أن مشاهدتك لإحدى هذه المحاضرات سيزاحم أفكارًا عديدة في رأسك، مع كمّ هائل من التساؤلات العديدة حول ماهية تفكير هؤلاء، وكم القناعة والرضا التي توصلوا إليها. إلا أنك ودون أدنى شك ستخلع رداء كآبتك تلك، وتنطلق نحو يومك بتفاؤل صريح، وسعادة عارمة؛ مسترشدًا بتجارب شخصيات ألهمت الملايين.
مدونة مصطفى حاج امحمد 